الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية بعد خمسة أشهر على توليه رئاسة الجمهورية: هل أخلّ السبسي بوعوده وراوغ ناخبيه؟

نشر في  10 جوان 2015  (11:37)

ارتفع منسوب الجدل في الأونة الأخيرة حول أداء رئاسة الحكومة خاصة اثر التقرير الذي تلاه الحبيب الصيد مؤخرا أمام نواب الشعب والذي تراوحت ردود الفعل بخصوصه بين مثمّن ومستنكر.. من ناحية أخرى انتقدت بعض الأطراف السياسية أداء رئاسة الجمهورية و»أدانوا» غيابها الواضح خاصة أن «قائدها» الباجي قائد السبسي فاز بالرئاسة منتفعا في سباقه مع المرزوقي بعدة عوامل منها  «الكاريزما» التي يتمتع بها وقدرته الفائقة للتواصل مع التونسيين الذين منحوه ثقتهم ونصبوه رئيسا لهم وانتظروا منها استثمارا ايجابيا لهذا المعطى..
وفي هذا السياق ارتأت أخبار الجمهورية الاتصال ببعض الملاحظين والوجوه الفاعلة في المشهد السياسي قصد معرفة تقييمهم لأداء رئاسة الجمهورية بعد ما يقارب الـ 5 أشهر من شروع الباجي في مهامه فكان التالي..

قيس سعيد: رئاسة الجمهورية لم تستوف كامل صلاحياتها

في البداية، أفاد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أن تقييم رئاسة الجمهورية خلال هذه الأشهر ينبني على مقاربتين اثنتين: الأولى تتجلى في الوجهة القانونية التي تقتضي النظر في اختصاصات رئيس الجمهورية طبقا لصلاحياته المقننة في الدستور الجديد الذي يحد من صلاحياته مقارنة بصلاحيات رئاسة الحكومة.
وأضاف محدثنا بأن رئيس الجمهورية نأى بنفسه عن التدخل في عمل رئاسة الحكومة وترك لها ظاهريا المجال الذي حدده لها الدستور للعمل فيه وفق تعبيره، مشيرا إلى أن الباجي قائد السبسي مازال لم ينظر بعد في جملة من الصلاحيات التي أتيحت له من بينها رفض الختم في القوانين التي صادقت عليها السلطة التشريعية مرجحا في ذات الوقت إمكانية أن يلجأ الرئيس في قادم الأيام للالتفات إلى هذه الصلاحية المذكورة.
أما في ما يخص  تقييم أداء الرئاسة من منظور المقاربة السياسية، فقد أكد الأستاذ سعيد، أن خطابات ومواقف السبسي وكذلك زياراته عكست محافظته على نفس التوجه الذي كان قد أعلن عنه أثناء حملته الانتخابات وقبلها... في المقابل أشار الخبير إلى أن السبسي يحاول أن يضفي إلى مشروعيته الانتخابية مشروعية «بورقيبية» يستمدها من سياسة الرئيس الحبيب بورقيبة، متناسيا أن تونس لا يمكن لها وهي في القرن الحادي والعشرين أن تُحكم بمشروعية تاريخية أو كما كانت من قبل.
وفي ختام مداخلته قال قيس سعيد ان تقييم عمل رئاسة الجمهورية ليس متعلقا بتاتا بشخص معيّن بل القضية أكبر من هذا بكثير، مناديا المسؤولين السياسيين بقراءة التاريخ جيدا والاتعاظ منه حتى لا يحيدوا عن المسار الصائب..  

سلمى بكار: الزواج العرفي بين النداء والنهضة خيب الآمال والمسعى

أما النائبة السابقة بالمجلس التأسيسي سلمى بكار فقد قالت إن عمل وأداء رئاسة الجمهورية لا يبعث على الطمأنينة وذلك لعدم عكسه لأية نتائج ملموسة وفعلية، مشيرة إلى أنه ورغم النجاحات والانتصارات التي حققتها المنظومة الأمنية في الآونة الأخيرة خاصة في مجابهتها للإرهاب فإن ذلك لا يعني تجاوزنا للمخاطر الكبرى المحدقة التي تعترضنا وطنا وشعبا..
كما أعربت محدثتنا عن رفضها للسياسة التي توخاها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وخاصة بعد «الزواج العرفي» الذي عقده مع حركة النهضة، قائلة إن هذه المزاوجة بين سياستين غير متطابقتين لن تدفع بتونس أبدا إلى بر الأمان.. وعكست خيبة مسعى وظن كبيرة خاصة لدى الأحزاب والكتل الديمقراطية التي خيرت التصويت له والدفاع عنه بشراسة كمشروع مجتمعي تقدمي وتحرري وحداثي ومن بينها المسار.
وفي سياق متصل أشارت النائبة السابقة إلى أن الشعب التونسي اليوم لم يعد بإمكانه التفريق بين الخلفيات الحقيقية والمزيّفة نتيجة لذلك الزواج غير الطبيعي بين النداء والنهضة وفق تعبيرها.
وتساءلت بكار مستغربة: «هل نمضي إلى مسح التاريخ الحالك لهؤلاء الأشخاص من ذاكرتنا- وتقصد حركة النهضة- ونقول بأنهم أصبحوا في خدمة مدنية الدولة وديمقراطيتها التي لم يؤمنوا بها يوما» ؟..

جوهر بن مبارك: السبسي فقد ورقته الرابحة..

أما المنسق العام لشبكة دستورنا والناشط السياسي جوهر بن مبارك فقد اعتبر أن أداء الباجي قاد السبسي خلال هذه الأشهر التي مرت منذ تسلمه زمام السلطة لم يكن كافيا وأقل مما كان منتظرا سواء فيما يتعلق بالدور الرمزي أو بالدور الدستوري.
ففيما يتعلق بدوره الرمزي، اعتبر بن مبارك أن رئاسة الجمهورية لم تستوف هذا الدور، حيث كان من المفروض أن يبعث السبسي أملا لكل التونسيين ويطمئنهم لكنه توجه إلى قطع تواصله مع الشعب منذ فترة انتخابه وبشكل واضح خلال هذه الأشهر الأخيرة التي عكست فقدانه لورقته الرابحة التي استخدمها في الانتخابات وهي تواصله مع التونسيين وهو ما مثل منعرجا سلبيا في سياسته..
ومن ناحية الدور الدستوري الذي لعبته رئاسة الجمهورية، أشار محدثنا إلى أنه كان دون المستوى المطلوب رغم تقيده بعدم التدخل في دور رئاسة الحكومة وصلاحياتها وهو ما مثل نقطة ايجابية تحتسب له لمطابقته روح الدستور..
في المقابل أشار بن مبارك إلى عدم ممارسة رئاسة الجمهورية لصلاحيات دستورية من بينها دوره كضامن للدستور من خلال التعبير عن موقفه وإبدائه عند الضرورة في بعض القوانين، حيث لم يلجأ إلى اعتماد هذه الصلاحية إثر مصادقة مجلس الشعب على قانون المجلس الأعلى للقضاء . وهو ما يعكس عدم تطبيقه للصلاحيات الافتراضية الممنوحة له دستوريا والتي تمكنه من استعمال حق الفيتو في بعض القوانين والالتجاء إلى المحكمة الدستورية للطعن فيها إن استوجب الأمر ذلك ومنها قانون مجلس القضاء المذكور الذي لم يستغل السبسي صلاحياته ليحدّ من الجدل الذي أحدثه..
أما في ما يخص مؤسسات رئاسة الجمهورية، فاستغرب الناشط السياسي التضخم غير المسبوق في عدد أعضاء رئاسة الحكومة ومستشاريها بعد الثورة قائلا انه لا يعتقد أن الرئاسة تحتاج كل هذا العدد خاصة أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية وضائقة مالية..
وتساءل بن مبارك في ختام حديثه عن الأسباب التي دفعت بتعيين بعض المستشارين كمحسن مرزوق ورافع بن عاشور وهما على علم بأنه سيأتي يوم ويقدمان استقالتهما من مناصبهما..

الطاهر هميلة: «خدمتهم على قد فلوسهم»

من جهته ذكر النائب السابق بالمجلس التأسيسي الطاهر هميلة أن رئاسة الجمهورية غضت الطرف عن أبرز المهام الموكولة إليها ألا وهي الائتمان على الدستور وتفعيله، وهو ما انعكس في عدم اتخاذ رئاسة الجمهورية موقفا حازما من قانون المجلس الأعلى للقضاء الذي أثار جدلا وتجاذبات كبيرة خاصة اثر المصادقة عليه مؤخرا..
وأضاف هميلة أن الباجي قائد السبسي لم يتدخل بما فيه الكفاية لمجابهة ظاهرة تفاقم الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية ولم يدفع إلى حل الأزمة العالقة والخروج منها بالصفة المطلوبة والكافية بل خيّر الغياب على الظهور وكان أداؤه محتشما واقتصر على تطبيق المثل الشعبي «خدمتهم على قد فلوسهم»..
هذا ونذكر بدورنا أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي صرح في حوار له على إحدى القنوات الخاصة سابقا بأنه لا يمكن محاسبته كرئيس إلا بعد خمس سنوات من العمل.  وقال <> لقد انتخبوني لمدة خمس سنوات.. «، مضيفا أنه سيلتزم بكل ما تعهد به خلال الحملة الانتخابية.
نزار عمامي: غياب ملحوظ.. وأزمة النداء يمكن أن تكون السبب..
بدوره عبّر القيادي بالجبهة الشعبية والنائب بمجلس الشعب نزار عمامي في البداية وبصورة عامة عن عدم ملامسته لأي تغيّر كبير للوضع السياسي بعد الانتخابات المنجزة خاصة على مستوى العلاقات الخارجية كالعلاقات مع الجارة ليبيا ومع الشقيقة سوريا التي يعيش بها العديد من التونسيين في أوضاع غير مستقرة.
أما على مستوى تقييمه لعمل رئاسة الجمهورية، فأفادنا محدثنا أن السبسي سجل غيابا ملحوظا، مرجّحا أن تكون الأزمة الداخلية التي تشهدها حركة نداء تونس هي السبب في ذلك «الاختفاء»..
ومن ناحية أخرى أشار عمامي إلى عدم اهتمام رئاسة الجمهورية بما فيه الكفاية بالمشاكل الاجتماعية العالقة وخاصة منها تفاقم ظاهرة البطالة رغم أن ذلك ليس من مشمولاته..

إعداد: منارة تليجاني